کد مطلب:240865 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:227

الامر 01
الجواب عن نفس السؤال، و أصله كلام أمیرالمؤمنین علیه السلام فی بعض خطبه: «لم یحلل فی الأشیاء فیقال: هو فیها كائن، و لك ینأعنها فیقال: هو منها بائن»، [1] و فی أخری: «لم یقرب من الأشیاء بالتصاق، و لم یبعد عنها بافتراق»، [2] .



[ صفحه 17]



و فی أخری: «مع كل شی ء لا بمقارنة، و غیر كل شی ء لابمزایلة»، [3] و فی أخری: «لیس فی الأشیاء بوالج، و لا عنها بخارج». [4] .

و حاصل الكل أن كل ما یلزم منه التحیز سواء كان بحلول الباری جل جلاله فی الشی ء أو بالالتصاق به أو بالمقارنة أو بالولوج و هو الدخول أو كان علی الضد من ذلك من البیونة و الافتراق و المزایلة و الخروج هو محال للزوم التحدید المنفی عنه تعالی؛ لإنه العنی كله و القدرة كلها و التحیز عارض للجسم لا ینفك عنه و لا عن لازمه و هو الافتقار، و الكلام مصوغ لبیان القیومیة، و الإحاطة المطلقة فإن النفی عن هذه الجهات المتضادة نفی لها بجهاتها المحدودة و معانیها المستلزمة للتحیز و التحدید و لازم هذا النفی الإثبات المطلق غیر المحدود.

و لابن أبی الحدید كلام یشرح به ما سبق قال:

و أما قوله: «مع كل شی ء لا بمقارنة» فمراده بذلك أنه یعلم الجزئیات و الكلیات كما قال سبحانه: «ما یكون من نجوی ثلاثة إلا هورابعهم». [5] و أما قوله: «و غیر كل شی ء لا بمزایلة» فحق، لأن الغیرین فی الشاهد هما مازایل أحدهما الآخر و باینه بمكان أوزمان، و الباری سبحانه یباین الموجودات مباینة منزهة عن المكان و الزمان. [6] و قوله: «لم یقرب من الأشیاء بالتصاق و لم یبعد عنها بافتراق»؛ لأن هذه الأمور كلها من خصائص الأجسام و واجب الوجود لایشبه الأجسام و لا یماثلها. [7] .

و أما قوله: «لم یحلل فی الأشیاء فیقال: لا هو فیها كائن و لا منها بائن»، فینبغی أن یحمل علی أنه أراد أنه لم ینأعن الأشیاء نأیا مكانیا فیقال: هو بائن بالمكان، هكذا ینبغی أن یكون مراده؛ لأنه لا یجوز إطلاق القول بأنه لیس بباین عن الأشیاء؛ و كیف المجرد بالضرورة بائن عن ذی الوضع؛ و لكنها بینونة بالذات لا بالجهة، و المسلمون كلهم متفقون علی أنه تعالی یستحیل أن یحل فی شی ء إلا من اعتزی إلی الإسلام من الحلولیة كالذین قالوا بحلوله فی أشخاص یعتقدون فیها إظهاره كاحلاجیة و غیرهم و الدلیل علی استحالة حلوله سبحانه فی الأجسام؛ أنه لوصح أن یحل فیها لم یعقل منفردا بنفسه أبدا، كما أن السواد لا یعقل كونه غیر حال فی الجسم؛ لأنه لو و یعقل غیر حال فی



[ صفحه 18]



الجسم لم یكن سوادا و لا یجوز أن یكون الله تعالی حالا أبدا؛ و لا أن یلاقی الجسم؛ إذ ذلك یستلزم قدم الأجسام و قد ثبت أنها حادثة. [8] .

و قد عرفت دلیل النفی عنه تعالی من تلك الأوصاف لزوم التحیز و التحدید المنفیین عن الباری عزوجل. و قال أیضا عند شرح قوله علیه السلام: «لیس فی الأشیاء بوالج، و لا عنها بخارج»:

هذا مذهب الموحدین، و الخلاف فیه مع الكرامیة و المجسمة، و ینبغی أن یفهم قوله علیه السلام: «و لا عنها بخارج» أنه لا یرید سلب الولوج، فیكون قد خلا من النفیضین؛ لأن ذلك محال؛ بل المراد بكونه لیس خارجا عنها أنه لیس كما یعتقده كثیر من الناس؛ أن الفلك الأعلی المحیط لا یحتوی علیه؛ و لكنه ذات موجودة متمیزة بنفسها قائمة بذاتها خارجة عن الفلك فی الجهة العلیا بینها و بین الفلك بعد إما غیر متناه - علی ما یحكی عن ابن الهیضم - أو متناه علی ما یذهب إلیه أصحابه؛ و ذلك أن هذه القضیة و هی قولنا: الباری خارج عن الموجودات كلها علی هذا التفسیر لیست مناقضة للقضیة و هی قولنا: الباری داخل العالم، لیكون القول بخلوه عنهما قولا بخلوه عن النقیضین ألا تری أنه بجوز أن تكون القضیتان كاذبتین معا بألایكون الفلك المحیط محتویا علیه، و لا یكون حاصلا فی جهة خارج الفلك، و لو كانت القضیتان متناقضتین لما استقام ذلك، و هذا كما تقول: [لیس] زید فی الدار و [لیس] زید فی المسجد، فإن هاتین القضیتین، لیستا متناقضتین لجواز أن لا یكون زید فی الدار، و لا فی المسجد فإن هاتین لو تناقضتا لاستحال الخروج عن النقیضین لكن المتناقض: «زید فی الدار، زید لیس فی الدار»، و الذی یستشنعه العوام من قولنا: «الباری لا داخل العالم و لا خارج العالم» غلط مبنی علی اعتقادهم و تصورهم أن القضیتین تتناقضان،

و إذا فهم ما ذكرناه، بان أنه لیس هذا القول بشنیع؛ بل هوسهل و حق أیضا؛ فإنه تعالی لامتحیز و لاحال فی المتحیز، و ما كان كذلك استحال أن یحصل فی جهة؛ لا داخل العالم و لا خارج العالم و قد ثبت كونه غیر متحیز و لا حال فی المتحیز، من حیث كان واجب الوجود. فاذن القول بأنه «لیس فی الأشیاء بوالج و لا عنها بخارج» صواب



[ صفحه 19]



و حق. [9] .

سبق القول بأن الكلام العلوی و هكذا الرضوی مصوغ لبیان الإحاطة المطلقة التی لا یمكن أن یكون تعالی متجها بجهة من داخل الأشیاء أو خارجها و لیس نفی الجهتین یلزمه التناقض إذ هو سبحانه لم یحدد بجد من الحدود حتی إذا نفی حد منها لزمه الحد الآخر و من ثم قلنا إن تقسیم الوجود إلی واجب الوجود و ممكن الوجود و مستحیل الوجود غیر مستقیم لأنه سبحانه خارج عن أی تقسیم كما هو خارج عن العدد بما له من معنی، و قلنا إن الله واحد أحد، لا علی وجه مذكور فی تقسیم الوجود و التوجیه من حیث المفهوم لا المصداق، مردود أیضا تعرضنا إلی السؤال و الجواب فی كتابنا «الأمثال النبویة» عند المثل: «لأن أدخل یدی فی فم التنین أحب إلی من أن أسأل من لم یكن ثم كان» [10] هذا أی: «من لم یكن ثم كان» تمام الحدیث النبوی. [11] .


[1] النهج 153:5، الخطبة 64.

[2] النهج 252:9، الخطبة 164.

[3] النهج 78:1، الخطبة 1.

[4] النهج 82:13، الخطبة 232.

[5] المجادلة: 7.

[6] شرح النهج 79:1.

[7] شرح النهج 254:9.

[8] شرح النهج 164:5. أقول: الصحيح و أما قوله: «لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن، و لم ينأعنها فيقال هو عنها بائن» و النسخة مغلوطة فراجع المصدر.

[9] شرح النهج 84 - 83/13.

[10] ج 83:2، رقم المثل 403، حرف اللام مع الهمزة، و الحديث في الوسائل 308:6.

[11] المصدر.